عيد الشباب بالمغرب: مناسبة وطنية لترسيخ القيم وتجديد الأمل
يُعتبر عيد الشباب بالمغرب من أبرز المناسبات الوطنية التي تحمل
معاني عميقة في الذاكرة الجماعية للمغاربة. يتم الاحتفال به كل سنة يوم 21 غشت، وهو
تاريخ يوافق ميلاد جلالة الملك محمد السادس نصره الله. وعلى الرغم من ارتباط هذا العيد
بشخص الملك، فإنه أصبح على مر العقود حدثاً رمزياً يخص كل المغاربة، لكونه يعكس اهتمام
الدولة بفئة الشباب باعتبارها محرك التنمية وركيزة أساسية لبناء المستقبل.
1) تاريخ عيد الشباب بالمغرب
ظهر عيد الشباب لأول مرة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني رحمه
الله، حيث أراد أن يكون يوماً للاحتفاء بفئة الشباب المغربي وتقدير دورهم الحيوي في
المجتمع. كان الهدف من هذا الاحتفال هو تعزيز مكانة الشباب داخل النسيج الاجتماعي،
وإبراز أهميتهم في قيادة التنمية والتغيير.
ومع اعتلاء الملك محمد السادس العرش سنة 1999، استمر هذا التقليد
الوطني، بل اكتسب أبعاداً جديدة أكثر عمقاً، إذ أصبح مناسبة لتوجيه رسائل ملكية تؤكد
على تأهيل الشباب، إدماجهم في سوق الشغل، وتحفيزهم على الابتكار والمشاركة في الحياة
العامة.
اللافت أن هذا العيد يأتي مباشرة بعد عيد الثورة الملك والشعب
(20 غشت)، مما يمنحه دلالة قوية، حيث يجمع بين استحضار تضحيات الأجداد في سبيل الحرية
وبين رهانات الحاضر والمستقبل التي يجسدها الشباب.
2) رمزية عيد الشباب في الذاكرة المغربية
يكتسي عيد الشباب أهمية خاصة في الوجدان المغربي، فهو ليس مجرد
مناسبة بروتوكولية، بل محطة وطنية تجدد فيها الدولة التزامها تجاه شبابها. إنه لحظة
تذكير بأن قوة المغرب الحقيقية تكمن في موارده البشرية، وأن نهضة الوطن لا يمكن أن
تتحقق إلا بمساهمة الأجيال الصاعدة.
كما يعكس هذا العيد مكانة الملكية المغربية كضامن لوحدة الأمة،
حيث يلتف المغاربة حول العرش لتجديد روابط البيعة والوفاء، ويجد الشباب في هذه المناسبة
فرصة للتعبير عن انتمائهم واعتزازهم بهويتهم الوطنية.
3) الشباب رهان الحاضر والمستقبل
تشير الإحصاءات إلى أن الشباب يمثلون أكثر من ثلثي ساكنة المغرب،
مما يجعلهم ثروة ديموغرافية لا يمكن الاستغناء عنها. ومن هنا تأتي أهمية الاحتفال بعيد
الشباب باعتباره إعلاناً رمزياً عن أن المستقبل بين أيدي هذه الفئة.
دأب الملك محمد السادس في خطبه بهذه المناسبة على التأكيد أن
الشباب هم القوة الدافعة للتغيير، داعياً إلى إشراكهم في صياغة السياسات العمومية،
وتوفير فرص العمل والابتكار لهم. وقد أطلقت الدولة عدة برامج ومبادرات موجهة للشباب
مثل:
- دعم المقاولات الناشئة والمبادرات
الذاتية.
- توفير التكوين المهني المتخصص.
- إدماج الشباب في المشاريع الاقتصادية
الكبرى.
- تشجيع الأنشطة الثقافية والرياضية
والفنية.
كل ذلك يعكس إرادة واضحة في جعل عيد الشباب ليس مجرد ذكرى سنوية،
بل نقطة انطلاق لتجديد العهد مع بناء مغرب جديد بسواعد شبابه.
4) مظاهر الاحتفال بعيد الشباب
يرتبط هذا العيد بالعديد من المظاهر الاحتفالية التي تشمل مختلف
مدن وأقاليم المغرب، ومن بينها:
- تنظيم عروض فنية وثقافية تبرز
إبداعات الشباب.
- إقامة أنشطة رياضية ومسابقات لتشجيع
الطاقات الصاعدة.
- بث برامج خاصة عبر وسائل الإعلام
الوطنية تسلط الضوء على قصص نجاح الشباب المغربي في مجالات العلم والفن والرياضة.
- تنظيم لقاءات رسمية يتم خلالها
الإعلان عن مشاريع جديدة موجهة للشباب.
هذه المظاهر تجعل من عيد الشباب لحظة بهجة واعتزاز، حيث يتجدد
الأمل في المستقبل وتُبرز الدولة التقدير الكبير لشبابها.
5) عيد الشباب في الذاكرة الجماعية
لقد أصبح عيد الشباب جزءاً لا يتجزأ من الذاكرة الوطنية المغربية،
فهو يوم تتقاطع فيه القيم الوطنية مع الطموحات المستقبلية. إنه مناسبة يلتقي فيها الماضي
بالحاضر، حيث يستحضر المغاربة نضال الأجداد في سبيل الحرية، ويضعون في الآن ذاته ثقتهم
في الأجيال الجديدة لبناء مغرب أكثر تقدماً وازدهاراً.
فعيد الشباب بالمغرب ليس مجرد ذكرى سنوية عابرة، بل هو محطة
رمزية متجددة تحمل رسائل عميقة. فهو من جهة مناسبة لتجديد الارتباط بالعرش الملكي،
ومن جهة أخرى دعوة صريحة للاستثمار في الشباب باعتبارهم الثروة الوطنية الحقيقية.
وبين استحضار ذاكرة الثورة والنضال الوطني في 20 غشت، وتجديد
الأمل بمستقبل يشرق بسواعد الشباب في 21 غشت، يظل عيد الشباب مناسبة وطنية جامعة توحد
المغاربة حول قيمهم المشتركة، وتؤكد أن بناء مغرب الغد رهين بمشاركة أجياله الصاعدة،
التي تحمل مشعل التنمية والتغيير.
.jpg)
تعليقات
إرسال تعليق
يمكنكم طرح سؤالكم وملاحظاتكم هنا،سنجيب عنها في أقرب وقت،شكرا