القائمة الرئيسية

الصفحات

مهرجان الزعفران بتالوين 2025: "الذهب الأحمر" في قلب استراتيجية الجيل الأخضر لمواجهة تحديات الاستدامة المائية

مهرجان الزعفران بتالوين 2025: "الذهب الأحمر" في قلب استراتيجية الجيل الأخضر لمواجهة تحديات الاستدامة المائية


مهرجان الزعفران بتالوين 2025: "الذهب الأحمر" في قلب استراتيجية الجيل الأخضر لمواجهة تحديات الاستدامة المائية

       تتجه أنظار العالم مجددًا نحو مدينة تالوين المغربية، المعروفة عالميًا بكونها عاصمة "الذهب الأحمر"، حيث تستعد بكل فخر واعتزاز لاحتضان فعاليات الدورة السادسة عشرة من المهرجان الدولي للزعفران. هذا الحدث الهام، المقرر إقامته في الفترة من 20 إلى 23 نوفمبر 2025، يتجاوز كونه مجرد احتفالية بموسم الحصاد، ليصبح منصة استراتيجية حيوية تجمع الخبراء والمزارعين والمسؤولين لمناقشة مستقبل هذه الزراعة الثمينة ورسم ملامح تنميتها المستدامة. يمثل المهرجان فرصة ثمينة لتقييم الإنجازات ومواجهة التحديات، خصوصًا في ظل التحولات المناخية التي تلقي بظلالها على الموارد المائية في المنطقة.

شعار الدورة: استدامة الموارد المائية كحجر زاوية

     تنعقد دورة هذا العام تحت شعار محوري وهادف: "التدبير المستدام للموارد المائية أساس تنمية سلسلة الزعفران بالمناطق الجبلية". هذا الشعار لم يأتِ من فراغ، بل يعكس فهمًا عميقًا لأحد أكبر التحديات التي تواجه الزراعة في المغرب والعالم. ففي المناطق الجبلية مثل تالوين، حيث تتجذر زراعة الزعفران تاريخيًا، أصبحت ندرة المياه قضية ملحة تتطلب حلولًا مبتكرة وفورية. يركز المهرجان على ضرورة تبني تقنيات الري الحديثة والممارسات الزراعية الصديقة للبيئة التي تضمن الاستخدام الأمثل لكل قطرة ماء. ويهدف هذا التوجه إلى تعزيز قدرة سلسلة إنتاج الزعفران على الصمود في وجه الجفاف، وضمان استمرارها كمصدر دخل أساسي لآلاف الأسر، ورافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه المناطق.

تالوين: تاريخ عريق وجودة لا تضاهى

      عندما نتحدث عن الزعفران، فإن اسم تالوين يبرز كعلامة فارقة للجودة والأصالة. هذه المنطقة، الواقعة في قلب إقليم تارودانت، ليست مجرد منتج رئيسي، بل هي موطن لأجود أنواع الزعفران في العالم، حيث تساهم بنحو 90% من الإنتاج الوطني. زراعة الزعفران في تالوين هي إرث ثقافي واقتصادي متوارث عبر الأجيال، حيث تتم عملية الجني والفرز والتجفيف يدويًا بدقة وعناية فائقتين، مما يحافظ على الخصائص الفريدة لهذه التوابل من لون ورائحة ونكهة. يوفر المهرجان منصة مثالية للمزارعين والتعاونيات المحلية لعرض "ذهبهم الأحمر" بكل فخر، والتواصل المباشر مع المشترين والمصدرين من مختلف أنحاء العالم، مما يفتح أمامهم آفاقًا جديدة لتسويق منتجاتهم وتحسين مداخيلهم.darazaafarane-gie+3youtube

استراتيجية "الجيل الأخضر": رؤية طموحة لمستقبل الزعفران

     يأتي تنظيم المهرجان في سياق متناغم تمامًا مع أهداف استراتيجية "الجيل الأخضر 2020-2030"، وهي الخطة الطموحة التي أطلقتها وزارة الفلاحة المغربية لتحديث القطاع الزراعي. تضع هذه الاستراتيجية العنصر البشري في صميم أولوياتها، مع التركيز بشكل خاص على دعم الفلاحين الصغار وتنمية الزراعات ذات القيمة المضافة العالية مثل الزعفران. ومن بين أهدافها المحددة، تسعى الاستراتيجية إلى زيادة المساحة المزروعة بالزعفران لتصل إلى 3000 هكتار، مع رفع سقف الإنتاج إلى 6.5 طن بحلول عام 2030. ولتحقيق ذلك، تعتمد الاستراتيجية على محورين أساسيين: تحديث تقنيات الإنتاج من خلال البحث العلمي والتكوين، ورقمنة القطاع عبر ربط ما يقرب من مليوني فلاح بمنصات رقمية متطورة، مما يسهل عليهم الحصول على المعلومات والإرشادات والوصول إلى الأسواق الوطنية والدولية بكفاءة أكبر.​

برنامج متكامل يجمع بين العلم والثقافة والاحتفال

     كما جرت العادة في الدورات السابقة، يعد برنامج المهرجان بأن يكون حافلاً بالفعاليات المتنوعة التي تلبي اهتمامات جميع الزوار والمشاركين. على الصعيد العلمي، من المقرر تنظيم ندوات وورشات عمل يؤطرها باحثون وخبراء دوليون ومغاربة، تتناول أحدث المستجدات في مجال زراعة الزعفران، وتقنيات الري الموفرة للمياه، وأساليب التثمين والتسويق الحديثة. أما على الصعيد الاقتصادي، فيعتبر معرض المنتجات المجالية القلب النابض للمهرجان، حيث تعرض التعاونيات الفلاحية منتجاتها من الزعفران ومشتقاته، بالإضافة إلى منتجات محلية أخرى تعكس غنى التراث الحرفي للمنطقة. ولإضفاء طابع احتفالي، يتخلل المهرجان سهرات فنية وموسيقية تحييها فرق محلية ووطنية، تحتفي بالتراث الثقافي الأمازيغي العريق، مما يجعل من هذا الحدث تجربة ثقافية وسياحية متكاملة.milkonaz+1

       ختاما، لا يعد المهرجان الدولي للزعفران في تالوين مجرد حدث عابر، بل هو محطة سنوية أساسية لتقييم التقدم المحرز في تطوير سلسلة قيمة الزعفران، وتجديد الالتزام بدعم المزارعين، والتأكيد على أهمية هذا المنتج كرمز للهوية الثقافية المغربية ورافعة للتنمية المستدامة في المناطق الجبلية. إنه احتفال بالأرض والإنسان، وقصة نجاح مستمرة يكتبها "الذهب الأحمر" على أرض المغرب.zoomnews+1

أنت الان في اول موضوع

تعليقات

التصفح السريع