الدليل الشامل لتدريس الرياضيات في التعليم الابتدائي
تعد الرياضيات أساس المعرفة وعنصراً محورياً في تطور العلوم الطبيعية والفيزيائية والاجتماعية والاقتصادية. فلا يكاد يخلو مجال من مجالات الحياة من حضور الرياضيات بشكل مباشر أو غير مباشر، إذ تشكّل الأداة الأولى لحل المشكلات وبناء الحلول العلمية والتكنولوجية.
وفي حياتنا اليومية نستعمل الأرقام والعمليات الحسابية، وفي مجالات متقدمة كالطب أو المعلوميات أو التكنولوجيا أو الفن، نجد أن الرياضيات تمثل العمود الفقري للتطور والابتكار. ومن هنا تبرز أهمية تدريسها بشكل منهجي سليم يساعد المتعلمين على اكتساب الكفايات الاستراتيجية والقدرات الفكرية التي يحتاجها المجتمع المعاصر.
أهمية الرياضيات في بناء شخصية المتعلمين
الرياضيات ليست مجرد مادة معرفية جامدة، بل وسيلة فعالة لتنمية مهارات التفكير الناقد والإبداعي. فهي:
-
تنمّي الاستقلالية والثقة بالنفس.
-
تدرب التلميذ على مواجهة المشكلات وحلها.
-
تمنحه الأدوات لفهم المجتمع والاندماج فيه.
-
تفتح له آفاق الإبداع والابتكار في مختلف التخصصات.
ولهذا السبب، أولت الأنظمة التربوية عبر العالم، ومنها المنهاج الدراسي المغربي، أهمية كبرى لتدريس الرياضيات باعتبارها من أهم المواد التي تبني الفكر وتنمّي الكفايات الذهنية.
الرياضيات والتكنولوجيا الحديثة
لقد بلغ حضور الرياضيات اليوم مستوى غير مسبوق، خصوصاً مع تطور الذكاء الاصطناعي وتقنيات التعلم الآلي (Machine Learning). حيث تعتمد الخوارزميات على معالجة كم هائل من البيانات الرقمية والنصية والبصرية والصوتية، مما يبرز الدور الحيوي للرياضيات كأداة للتطور التكنولوجي والمجتمعي على السواء.
تحديات تدريس الرياضيات
رغم هذه الأهمية، فإن تدريس الرياضيات يواجه عدة صعوبات، منها:
-
اعتماد التلقين والحفظ دون المرور من المحسوس إلى المجرد.
-
تراكم المفاهيم دون دعم المتعلم لمعالجة تعثراته السابقة.
-
غياب الأدوات والوسائل التعليمية الملائمة.
كلها أسباب تجعل الكثير من التلاميذ يجدون صعوبة في استيعاب المفاهيم الرياضية، وقد يصل الأمر ببعضهم إلى كره المادة واعتبارها معقدة.
محتويات الدليل الشامل لتدريس الرياضيات
انطلاقاً من هذه التحديات، جاء هذا الدليل ليقدّم للمدرسين والمكونين أداة عملية وبيداغوجية غنية، مقسّمة إلى قسمين رئيسيين:
القسم الأول: الأسس النظرية والمنهجية
-
البيداغوجيات الحديثة المستعملة في الرياضيات.
-
المبادئ والأهداف العامة لتدريس الرياضيات.
-
مهارات التفكير الرياضياتي المستهدفة.
-
مستويات المعرفة والكفايات التي ينبغي بلوغها.
-
إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصال في التعليم.
-
طريقة سنغافورة في تدريس الرياضيات، كنموذج عالمي ناجح، مع أمثلة من التجربة الفرنسية.
القسم الثاني: الديدكتيك والتدبير الإجرائي
-
ديدكتيك الرياضيات ومناهج بنائها.
-
التدبير الديدكتيكي للدروس عبر المستويات الستة للتعليم الابتدائي.
-
برنامج الرياضيات وأهداف كل درس بشكل مفصل.
-
الأنشطة والتمارين المتدرجة لترييض المفاهيم.
-
تحليل وضعيات اختبارية ودراسة التناوب اللغوي.
نحو تعليم رياضيات فعّال
لا يقتصر دور هذا الدليل على الجانب النظري، بل يقدم أيضاً نماذج عملية وأنشطة تطبيقية تساعد المدرسين على تجاوز الصعوبات وتبسيط المفاهيم. وبذلك، فهو يخدم:
-
المدرسين والمكونين.
-
الآباء والأمهات الراغبين في مواكبة تعلم أبنائهم.
-
المهتمين بطرق إصلاح منظومة التعليم بالمغرب.
مقدمة الكاتب:
'' تعد الرياضيات أساس المعرفة وعنصرا أساسيا في تطور مختلف العلوم سواء الفيزيائية، البيولوجية، الطبيعية، الاقتصادية، الاجتماعية أو غيرها. ولا يوجد مجال في عصرنا الحالي وحتى في المستقبل لا يعتمد الرياضيات. وذلك لكونها وسيلة وأداة لحل المشكلات، ولكونها مادة مجردة يمكن إسقاط معادلاتها واستخدامها وأدواتها في كل المجالاوجية وتدبيرا ديدكتيكيا خاصا. فكل عناصر الوضعية الديدكتيكية في تدريس الرياضيات مهمة جدا، لأن إعداد بيئة التعلم من الشروط الأساسية والضرورية للممارسة البيداغوجية. وغياب الأدوات والوسائل التعليمية، أو عدم صياغة الوضعيات المشكلة الملائمة، أو عدم دعم ومعالجة التعثرات السابقة لبناء مفهوم جديد، كلها أمثلة توضح أهمية عناصر بيئة التعلم في تدريس الرياضيات.
يتضمن القسم الأول في فصله الأول، الأسس النظرية لتدريس الرياضيات بالتعليم الابتدائي بما فيه البيداغوجيات الحديثة الأكثر استعمالا واستثمارا في الرياضيات. والفصل الثاني يفصل في الأسس المنهجية، والمبادئ، والأهداف العامة لتدريس الرياضيات، مع التطرق إلى لوائح ومهارات التفكير الرياضياتي التي يستهدف الرياضيات تنميتها لدى المتعلمين، إضافة إلى مستويات المعرفة التي يجب أن يصل إليه تحكم المتعلمين من تلك المهارات والمعارف، وانتهاء بفقرات حول إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصال في التعليم. في الفصل الثالث، تم جرد المفاهيم الرياضياتية المدرسة في المدرسة الابتدائية مع تفصيل في تطورها خلال المستويات الست. وتم تخصيص فصل خاص لدراسة طريقة سنغافورة في تدريس الرياضيات لما حققته من نتائج مبهرة على الصعيد العالمي، ولاعتمادها من طرف أكثر من ستين دولة عبر العالم من بينها دول متقدمة. ويتضمن الفصل محاور حول الأسس النظرية والبيداغوجية للطريقة، المبادئ الأساسية، نموذج لبرنامج فرنسا للرياضيات للسنة الأولى من التعليم الابتدائي لكونها تعتمد طريقة سنغافورة.
وفي القسم الثاني وفي فصله الأول، تفصيل حول ديدكتيك الرياضيات. وفي الفصل الثاني، التدبير الديدكتيكي والإجرائي لدروس الرياضيات بجميع مستويات التعليم الابتدائي. ويتضمن هذا التدبير برنامج الرياضيات لجميع المستويات، مع جرد مفصل لأهداف دروسها، وإدراج المكتسبات اللازمة والسابقة لبناء الدروس، إلى جانب توجيهات وإرشادات ديدكتيكية لتدبير وإنجاز الأنشطة وصياغة الوضعيات المشكلة المناسبة.
مع تقديم نماذج لمجموعة من الأنشطة المتدرجة لترييض المفاهيم الرياضياتية لكل درس. كما تم تخصيص فصل لتحليل وضعيات اختبارية حول ديدكتيك الرياضيات، وفصل حول التناوب اللغوي.
وحاولنا في هذا الكتاب التفصيل مع الأمثلة المناسبة للممارسات المهنية، ليكون في خدمة المكونين، المدرسين، كل المهتمين من آباء وأمهات وغيرهم. لكون المدرسة تدخل في صلب المشروع المجتمعي لبلادنا، وعلى الجميع المساهمة كل من زاويته في تحقيق أهداف إصلاح منظومة التربية والتكوين.''
.
تعليقات
إرسال تعليق
يمكنكم طرح سؤالكم وملاحظاتكم هنا،سنجيب عنها في أقرب وقت،شكرا