نظرية فرويد في النمو النفسي عند الطفل
امتحانات الكفاءة المهنية لحظة مفصلية في المسار التربوي والمهني
لكل أستاذ وأستاذة، إذ يتم من خلالها تقويم مدى تمكنهم من مختلف المعارف التربوية
والنفسية والبيداغوجية، وقدرتهم على توظيفها في الممارسة الصفية اليومية. ومن بين
المواضيع التي تتكرر بشكل واضح في هذه الاختبارات نجد نظريات النمو النفسي عند
الطفل، خاصة نظرية سيغموند فرويد التي تُعرف بـ"النظرية
النفسية–الجنسية" أو Psychosexual
Development.
وفهم هذه النظرية أداة أساسية لكل أستاذ وأستاذة ، لأنها لا تقتصر على الجانب النفسي فقط، بل تساعد المدرسين على تفسير سلوكات المتعلمين في القسم، وتوجيه استراتيجيات التدريس بما يتلاءم مع حاجاتهم في كل مرحلة عمرية.
مدخل إلى نظرية فرويد في النمو النفسي
حسب فرويد فشخصية الطفل تتشكل تدريجيا عبر خمس مراحل رئيسية، كل
مرحلة تتمحور حول منطقة حسية–جسمية محددة ترتبط بما سماه فرويد
بـ"الليبيدو" أي الطاقة الغريزية. نجاح الطفل في إشباع حاجاته خلال هذه
المرحلة يؤدي إلى نمو متوازن وسوي، بينما أي حرمان أو إفراط قد ينتج عنه تثبيت (Fixation) ينعكس سلوكيا
في مراحل لاحقة من العمر.
على سبيل المثال:
- إذا لم
يشبع الطفل حاجاته في المرحلة الفموية (الرضاعة، المص، الإحساس بالأمان)، فقد
يظهر ذلك لاحقا في صورة الإفراط في الأكل أو التدخين أو الميل للثرثرة.
- وإذا عاش
صراعات خلال المرحلة الشرجية (التدريب على الحمام)، قد تتكون لديه شخصية
صارمة شديدة النظام، أو على العكس شخصية فوضوية ومهملة.
إذن، كل مرحلة عند فرويد هي بمثابة لبنة أساسية في بناء الشخصية، وأي خلل فيها يترك أثره في المستقبل.
المراحل الخمس للنمو النفسي عند فرويد مع التفسير والتطبيق التربوي
✦ المرحلة الفموية (Oral Stage)
- العمر: من الولادة إلى 1 سنة.
- محور
النمو: الفم (الرضاعة، المص، العضّ).
- الأهمية: تحقيق الشعور بالأمان، بناء الثقة الأولى مع المحيط.
- تفسير: يعتمد الرضيع بشكل كامل على أمه أو من يرعاه لتلبية حاجاته الأساسية
(الغذاء، الدفء، الطمأنينة). هنا تبدأ علاقة التعلق الأولى، والتي تؤسس لاحقا
لقدرته على الثقة بالآخرين.
- في القسم
(التعليم الأولي):
- الطفل في
هذه السن يحتاج إلى أنشطة حسية ولعب حر أكثر من المعرفة الأكاديمية.
- مثال: أستاذ التعليم الأولي يمكن أن يوظف الألعاب الحسية مثل الكرات الإسفنجية، العجين، أو الغناء الجماعي، لتعزيز الإحساس بالأمان والتواصل.
✦ المرحلة الشرجية (Anal Stage)
- العمر: من 1 إلى 3 سنوات.
- محور
النمو: السيطرة على عملية الإخراج.
- الأهمية: تعلم النظام والانضباط وبداية الاستقلالية.
- تفسير: يبدأ الطفل في هذه المرحلة بالتحكم في جسمه، وخاصة التدريب على
استعمال المرحاض. هذا التدريب له بعد نفسي عميق لأنه يمثل أول مواجهة للطفل
مع مفهوم "القواعد" و"التحكم".
- انعكاسات:
- إذا كان
التدريب صارما وقاسيا قد يتطور عند الطفل ميل مفرط للنظام والدقة (Anal-retentive).
- وإذا كان
التدريب مهملا قد يصبح فوضويا ومستهترا (Anal-expulsive).
- في القسم:
- في سن
التعليم الأولي والمتأخر، يظهر على الأطفال حب الاكتشاف والعناد أحيانا.
- مثال: الأستاذ يمكن أن يشرك المتعلم في أنشطة جماعية صغيرة مثل ترتيب الألعاب، أو توزيع الأدوات، مما يعزز حس المسؤولية والانضباط.
✦ المرحلة القضيبية (Phallic Stage)
- العمر: من 3 إلى 6 سنوات.
- محور
النمو: الأعضاء التناسلية والوعي بالجنس.
- الأهمية: تكوين الهوية الجنسية، التماهي مع الوالدين.
- تفسير: يمر الطفل بما يسميه فرويد بـ"عقدة أوديب" عند الذكر (رغبة
لاشعورية في الاقتراب من الأم ومنافسة الأب) و"عقدة إلكترا" عند
الأنثى (تعلق بالأب ومنافسة الأم). هذه العقد تُحل عادة عبر التماهي مع
الوالد من نفس الجنس واكتساب القيم الأخلاقية.
- في القسم:
- يحتاج
الطفل إلى نماذج إيجابية يقتدي بها، وهنا يظهر دور الأستاذ كـ"قدوة".
- مثال: إذا رأى الطفل أن الأستاذ منظم، عادل، ومحترم، فسوف يميل إلى تقليده في سلوكه.
✦ مرحلة الكمون (Latency Stage)
- العمر: من 6 سنوات إلى 12 سنة.
- محور
النمو: خمود نسبي للدوافع الغريزية، تركيز على التعلم
والعلاقات الاجتماعية.
- الأهمية: تطوير المهارات المعرفية والاجتماعية.
- تفسير: تتحول طاقة الطفل في هذه المرحلة من الحاجات الغريزية إلى أنشطة
معرفية واجتماعية، مثل الدراسة، تكوين الصداقات، المشاركة في الأنشطة.
- في القسم:
- تعتبر
هذه المرحلة الذهبية للتعلم، حيث يصبح الطفل أكثر استعدادا لاكتساب المهارات
الأكاديمية.
- مثال: يمكن للأستاذ استثمار الطاقة في أنشطة التعلم التعاوني (العمل في مجموعات)، أو مشاريع مدرسية مثل الإذاعة المدرسية والمسرح والرياضة، التي تعزز التعاون والروح الجماعية.
✦ المرحلة التناسلية (Genital Stage)
- العمر: من 12 سنة فما فوق (المراهقة).
- محور
النمو: النضج الجنسي والاجتماعي.
- الأهمية: تكوين علاقات ناضجة، الاستقلالية، تحمل المسؤولية.
- تفسير: يعود تركيز الطاقة الغريزية إلى الأعضاء التناسلية، لكن بشكل ناضج
يتيح للإنسان بناء علاقات عاطفية سليمة والاندماج في المجتمع.
- في القسم
(الإعدادي والثانوي):
- المراهق
يبحث عن الاستقلالية وقد يعارض السلطة.
- مثال: المدرس الناجح هو الذي يمنح التلميذ حرية التعبير ويشركه في مشاريع بحثية، ويعطيه أدوارا قيادية (مثل قائد مجموعة) ليشعر بالمسؤولية.
كيف يوظف الأستاذ نظرية فرويد في الممارسة الصفية؟
- التعرف على حاجات المتعلمين: كل مرحلة لها
حاجات خاصة (الأمان – الانضباط – القدوة – التعلم – الاستقلالية).
- تكييف طرق التدريس: استعمال اللعب الحسي مع الأطفال الصغار، والتعلم التعاوني مع تلاميذ مرحلة
الكمون، والبحث الذاتي مع المراهقين.
- تفادي الحكم السلبي على السلوكات: إذا ظهر العناد
أو الخجل، ينبغي للأستاذ أن يبحث عن تفسير نفسي مرتبط بالمرحلة العمرية.
- تعزيز العلاقة الإنسانية: نظرية فرويد تذكرنا بأن المتعلم ليس آلة للتلقين، بل هو كائن له حاجات وجدانية تتغير بتغير العمر.
أهمية الموضوع في امتحانات الكفاءة المهنية
تطرح امتحانات الكفاءة المهنية عادة أسئلة مثل:
- "اشرح مراحل النمو عند الطفل حسب فرويد مع بيان
انعكاساتها التربوية."
- أو:
"كيف يمكن للأستاذ استثمار نظرية فرويد في الممارسة الصفية؟"
وللإجابة الجيدة يجب:
- عرض
المراحل الخمس بالترتيب مع تحديد الأعمار.
- توضيح
أهمية كل مرحلة مع أمثلة تطبيقية من القسم.
- ربط النظرية بالجانب التربوي (كيف تساعد الأستاذ على فهم المتعلم).
نصائح عملية للأساتذة المقبلين على الامتحان
- التركيز
على الفهم لا الحفظ: حاول أن تربط كل مرحلة بسلوكيات شاهدتها فعلا
في القسم.
- إنجاز
جداول تلخيصية: جدول يربط (المرحلة – العمر – الحاجات – دور
الأستاذ).
- مراجعة
نظريات أخرى: مثل بياجيه (النمو المعرفي) وفيغوتسكي (التعلم
الاجتماعي).
- تدريب على
الكتابة التحليلية: الامتحان لا يقيس المعلومات فقط، بل قدرتك على
التحليل والربط بالممارسة الصفية.
- الاطلاع على الامتحانات السابقة: فهي تعطي فكرة واضحة عن نوعية الأسئلة.
إن فهم مراحل النمو النفسي–الجنسي عند فرويد ليس ترفا أكاديميا، بل أداة
عملية لكل مدرس. فالأستاذ الذي يعي أن عناد طفل في سن الثالثة ليس مشكلا أخلاقيا،
بل انعكاسا لحاجته للاستقلالية، سيكون أكثر صبرا ونجاحا في التعامل معه. كذلك،
إدراك أن تلميذ الإعدادي يبحث عن الاستقلالية يساعد المدرس على منحه حرية التعبير
بدل قمعه.
وعليه، فالنظرية تقدم خريطة نفسية لفهم المتعلم، وتمكن الأستاذ من اختيار الطرق البيداغوجية المناسبة. كما أن حضورها المتكرر في امتحانات الكفاءة المهنية يجعل الإلمام بها خطوة ضرورية لكل من يستعد لهذا الاستحقاق.
✦ ملخص المراحل :
المرحلة |
العمر |
محور النمو |
الأهمية
النفسية |
دور الأستاذ |
الفموية |
0 – 1 |
الفم
(الرضاعة) |
بناء الثقة
والأمان |
تعزيز
الطمأنينة عبر اللعب والحنان |
الشرجية |
1 – 3 |
التحكم في الإخراج |
الانضباط والاستقلالية |
إعطاء مسؤوليات بسيطة وتنمية النظام |
القضيبية |
3 – 6 |
الوعي الجنسي |
التماهي مع
الوالدين |
القدوة
السلوكية، تعليم القيم |
الكمون |
6 – 12 |
خمود الغرائز |
تطوير التعلم والعلاقات |
التعلم التعاوني، المشاريع الصفية |
التناسلية |
12+ |
النضج الجنسي |
الاستقلالية
والعلاقات الناضجة |
تشجيع البحث
الذاتي والمشاركة في المشاريع |
تعليقات
إرسال تعليق
يمكنكم طرح سؤالكم وملاحظاتكم هنا،سنجيب عنها في أقرب وقت،شكرا